غيوم في انتشار | أرشيف

الشاعرة إيتيل عدنان

 

المصدر: «مجلّة الكرمل».

الكاتب (ة): إيتيل عدنان.

زمن النشر: 1 نيسان (أبريل) 1984.  

 

إيتيل عدنان: شاعرة وروائيّة ورسّامة وُلِدَت في بيروت عام 1925، وتوفّيت في الرابع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) 2021. اعتبرت إيتيل نفسها دِمَشْقِيّة، وهي تُعَدّ الكاتبة العربيّة الأميركيّة الأبرز والأكثر شهرة واعترافًا. وُلِدَت إيتيل لأب تركيّ وأمّ يونانيّة فرّا معًا من مدينة شميرنا في شرق تركيا، حين احتلّها الجيش اليونانيّ عقب انهيار الإمبراطوريّة العثمانيّة. في بيروت تحدّثت إيتيل التركيّة واليونانيّة والعربيّة، وتعلّمت الفرنسيّة في المدرسة، وبها كتبت أوّل أشعارها. واعتراضًا على الجرائم الفرنسيّة في الجزائر، اعتزلت كتابة الشعر وبدأت ترسم معتبرةً الرسم طريقةً أخرى للكتابة. عادت إيتيل إلى بيروت حيث عملت محرّرة ثقافيّة في «جريدة الصفا» المكتوبة بالفرنسيّة، إلّا أنّها سرعان ما اضطّرت إلى مغادرة لبنان نحو باريس على إثر الحرب الأهليّة اللبنانيّة. في باريس كتبت روايتها «الستّ ماري روز»، عن امرأة لبنانيّة تختطفها جماعة مسلّحة أثناء الحرب. فازت الرواية بـ «جائزة فرنسا للبلدان العربيّة»، وما زالت تُعَدّ واحدة من أهمّ روايات الحرب.

***

 

أيّتها الغيوم المنتشِرة والحاملة للرصاص

ترزحين على هذي الأرض.

وددت لو أغنّي «أوبيرات» من نحاس

لمجد جبال «السييرا»

وأمام جثث

«الأطفال - الأزهار»

لكنّ كلّ شيء يستحيل صرخات وصمتًا.

 

الأسلاف الجُدُد يتمدّدون

عند سفوح جبال أخرى،

وقبور أخرى:

مالكوم إكس، مارتن لوثر كينغ،

عبد القادر المحارب والصوفيّ.

وأنتم أيّها الزعماء الهنود، الّذين تتشكّل

من دموعكم عواصف كاليفورنيا

العاتية

جئت أقول لكم

إنّنا وحيدون، ولن نركع.

 

سيّارات مدرّعة

تحصد الحياة في موسم

موت،

متظاهرون محتجّون، متمرّدون

مقيّدون،

وأحرار،

على شفاههم أغنية بلا جدوى،

يقدّمون أضحية لآخِرِ

آلهة السلام.

حتّى هذا الإله يجب أن نتخلّى عنه

من أجل الذُّرة النابتة على

السفوح الغواتيمالكيّة.

 

أيّتها الأمم الهنديّة نحتاج

الحكمة المنزّلة

في رؤاكِ اليوميّة

تلك حال أمّنا المشتركة:

الأرض ...

إنّ وزن المياه المتساقطة لن يطفئ أيّ غيظ،

ونحن لسنا نرغب في تفجير شيء،

لا الذرّات ولا الأمم ...

 

في أحلك زنازين

السجون

ينبجس نورٌ يضيء

العالم.

 

دعونا لا نكون «آخر الملائكة السفّاحين»،

الّذين يرمون أطفالهم في

«النار العظيمة».

 

أرى هنودًا يحملون

جسد «تشي»

عبر الأدغال الّتي

تذوي لموته

كما الورود.

 

عندما تهطل الأمطار السوداء الكبيرة

مراتبٌ من الملائكة تلتمس

الغفران:

ما الّذي سيحلّ بالملائكة

عندما نزول؟

أرى عيون أمّي الإغريقيّة

تحنو على عذابِ

أبي العربيّ:

حضارتان تموتان معًا،

عائشان غريبان

يودّعان هذا العالم.

لسنا «بدائيّين» إلى هذا الحدّ

كي نغسل أقدام

الأقوياء،

طالبين العفو عن

قارّاتنا.

إنّ أسلحتهم تُبيد سلطاتنا،

ولنعترف، في إشراقةٍ جديدة،

أنّ المسيح لن يعود

أبدًا.

 

وحدتنا

نتوزّع على أعذاق متعدّدة،

والشجرة الحاملة لسلالاتنا تجوز

«المحيط الأعظم».

 

سافرتْ صديقتي إلى نيكاراغوا

لتتعلّم مناخًا

جديدًا

لكنّها لن تقوى على العيش بعيدةً

عن موسم معيّن،

موسم حُبّها.

 

إنّ قرونًا من «محاكم التفتيش»

لم تُفلح في سحق لغةِ

الريح.

وصديقتي لا تعلم أنْ لا وجود

لأميركا اللاتينيّة،

وأنّ أميركا الهنديّة

هي المقصودة.

 

الهنود

يتوافدون،

يحملون «الماشييتي» لقطع

الأعشاب العالية، الّتي تحجب

وجه الشمس.

 


عَمار: رحلة تُقدّمها فُسُحَة - ثقافيّة فلسطينيّة لقرّائها، للوقوف على الحياة الثقافيّة والإبداعيّة والاجتماعيّة الّتي شهدتها فلسطين في تاريخها المعاصر، من خلال الصحف والمجلّات والنشرات المتوفّرة في مختلف الأرشيفات.